العقيدة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اليوم بنبدأ في مواضيع العقيدة بنوع من التفصيل
الإيمان بالله
أولا لازم نعرف وش معنى الإيمان
الإيمان يعني التصديق الجازم والإقرارالحقيقي الذي ينتج عنه التصديق والطاعة والإتباع
يعني لمن يقول واحد أنا مؤمن بالله، يعني مصدق ومقر بالله سبحانه وتعالى بدرجة تجعلني اصدق كل أخباره، وأطيع أوامره، واجتنب نواهيه
لأن التصديق لحاله ما يكفي لابد من شيء زائد عن التصديق علشان يصح نسميه إيمان، وهذا الشيء بناخذ عليه مثال لاحقا يبين الكلام هذا، رغم إن الصوفية والشيعة ما يوافقون عليه، بس خلافهم ماله عبرة لأن الكلام على الدليل موب على الأهواء
فنقول خلونا الآن نعرف الإيمان بالله وش اركانه الرئيسية
1- الإيمان بوجود الله سبحانه وتعالى
2- الإيمان بربوبيته
3- الإيمان بألوهيته
4- الإيمان باسمائه وصفاته
5- توحيده في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات
الإيمان بوجود الله
طبعا المفترض إن كل مخلوق يؤمن بالكلام هذا، بس تحسبا لثلاث نقاط بنحتاج إننا بنتكلم فيها شوية، والنقاط هي
الأولى إنه يمكن يكون فيه ناس غير مؤمنين يطلعون على الكلام هذا مباشرة، أو يحتاج واحد من الأعضاء لبعض المعلومات عند الحديث أو النقاش أو الدعوة مع غير المؤمنين بها، ولا تفكرون إن كلامي هذا من ضرب الخيال، ترى فيه ملايين ما يؤمنون بوجود الله أصلا
والثانية إنه يمكن إن فيه أعضاء ماخذين الإيمان من الآباء والأجداد بالوراثة فقط ولكن من دون دليل عليها وعلى صحتها وهذا احتمال كبير جدا وواقع بكثرة لا تنكر
والثالثة ربما يكون فيه أعضاء فاهمين الكلام هذا صح، ولكن مبني على أدلة خطأ أو غير واضحة
لذلك بنتكلم فيها بشوية توسع
الإيمان بوجود الله سبحانه وتعالى
نقول إن الإيمان بوجود الله سبحانه وتعالى موجود في كل نفس وما ينكره إلا قلة قليلة ولكن للأسف إن فيه منكرين لوجوده سبحانه وتعالى سواء في السابق مثل ما حصل من فرعون، أو في الوقت الحاضر زي ماهو معروف عن الشيوعيين اللي قامت لهم دول كبيرة وقوية مثل اليابانيين والصينيين والروس وغيرهم ممن يعتقدون الإعتقاد الشيوعي وهو اعتقاد يقوم على عدم وجود إله أصلا ومثلما يقول ماركس (لا إله والحياة مادة)
وبما إننا نتكلم عن العقيدة إجمالا فما راح نغفل النقطة هذه ونقول فيها
الإيمان بوجود الله سبحانه وتعالى دل عليه ما يلي
1- الفطرة
2- العقل
3- الحس
4- الشرع
بالنسبة للفطرة نقول
كل مخلوق قد فطر على الإيمان بوجود الله سبحانه وتعالى من غير تفكير ولا تعليم، وهذا الشيء مذكور في القرآن الكريم، قال تعالى (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) سورة الروم) ومذكورة أيضا في الحديث الشريف قال صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح رواه البخاري (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فابواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) وما قال يسلمانه، ليش؟ لأن هذا الأصل وهو الفطرة، وهذا يعني إن الإنحراف طاريء وليس أصلا، لأن تعليم الأبوين والمعلمين والباحثين يخرب هذه الفطرة ويدنسها، وأن الأصل هو الفطرة، وهو الإيمان بوجود الله والإتجاه إليه وتوحيده أصلا وليس فقط الإيمان بوجوده سبحانه وتعالى
شبهة:
يمكن يقول واحد: طيب لو جبنا واحد توه مولود ورميناه في الصحراء وقدر له إنه يعيش، هل يصير مؤمن والا كافر؟
جوابها:
نقول الأصل إنه يصير مؤمن موحد للأدلة المذكورة سابقا، لأن هذه فطرته، ولكن هذا ما يمنع إنه يطلع منحرف عن الفطرة السليمة، لأنه لو فرضنا إنه عاش حياته بدون ما يحتك ولا يشاهد ولا واحد من البشر ولا تأثر بالبشر نهائيا، هذا لا يمنع من تسلط الشياطين عليه، أقصد شياطين الجن، إبليس وذريته،
لأن الشيطان أخذ على نفسه عهد إنه يغوي الناس كلهم إلا من عصم الله
قال تعالى (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) سورة ص)
والله سبحانه وتعالى أعطى الشيطان فرصة إنه يصل لقلب الإنسان، قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا) أو قال (شيئا)
فهذا يدل على إن الشيطان عنده استطاعة بما وهبه الله من قدرة على التغلغل في أعماق الإنسان ويدخل في الأوردة والشرايين والقلب
والقرآن وصف إن الشيطان هذا بإنه (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) سورة الناس)
فلو فرضنا إن المولود هذا ما راح يتعرض لأي معاملة من بني آدم فهذا لا يعني إنه بيكون في سلامة من شياطين الجن
والرسول صلى الله عليه وسلم في إحدى خطبه التي رواها مسلم عن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: (ألا إن ربي أمرني أن اعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نحتله –يعني منحته- عبادي حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا)
فهذا ديننا علمنا مسبقا إن المولود يولد على الفطرة وهي الإسلام، وأن الشرك شيء طاريء عليها، وأنه لو فرضنا وأن الإنسان سلم من تأثير شياطين الإنس عليه فإنه قد لا يسلم من تأثير شياطين الجن، ولكن هذا ليس بالضرورة فقد يسلم من الشياطين عموما ويبقى على فطرته مسلما حنيفا، لأنه ممن جعله الله من عباده المخلصين زي ما قال تعالى (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) سورة ص)
تنبيه:
يمكن واحد يسأل ويقول: كيف نجمع بين قوله تعالى (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله) وبين قوله تعالى في الحديث القدسي (فاجتالتهم الشياطين) هذا تبديل واضح؟
فاقول: لا، هذا موب تبديل أبدا، التبديل في عقلك فقط، لأن الله سبحانه وتعالى قال إنه لا تبديل لفطرته صحيح، فما فيه مولود إلا وهو على فطرة الله، بس بعد الفطرة يجي الإنحراف والفطرة تبقى مثل ماهي، يعني الفطرة ما تتغير هيه هيه، التغيير يجي في المسلك المكتسب من الوالدين أو المعلمين، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم واضح جدا في قوله (يولد على الفطرة، وبعدين قال يهودانه أو يمجسانه)
دلالة العقل على وجود الله:
نقول كل مخلوق لابد له من خالق، لابد ، لابد، لا يمكن إنه وجد هكذا صدفة، هذا الشيء ما يقبله العقل أبدا
افرض مثلا إن عندك صندوق حديد فارغ تماما من كل شيء، وجيت قفلته بقفل، وتركته شهر، هل ممكن إنك تفتحه وتلقى فيه جوال مثلا؟ لا يمكن، إلا إذا أحد وضعه فيه، بس لا يمكن إنك تصدق إن الجوال وجد هكذا صدفة من غير ماحد يوجده في الصندوق
لو تتركه مليار سنة فلا يمكن إنك تلقى فيه جوال أبدا مستحيل،
فكيف كل هذه المخلوقات على أنواعها اللي لا تحصى توجد صدفة
مستحيل
وفي هذه النقطة اذكر قصة مختصرة للإمام ابي حنيفة النعمان صاحب أحد المذاهب الأربعة السنية المشهورة
تقول القصة باختصار وتصرف (جاء ناس من الدهريين اللي ما يؤمنون بوجود الله علشان يناظرون أبو حنيفة رحمه الله تعالى في وجود الله، وابو حنيفة رحمه الله كان ذكي جدا، فقال طيب، بس موب اليوم، قالوا ليش؟ قال عقلي موب في راسي الآن، قالوا ليش؟ قال شفت اليوم سفينة في نهر دجلة، جت محملة بضائع ووقفت في الميناء، ونزلت الحمولة كلها على الرصيف، وطلعت ومشت، ومافيها بحارة يقودونها، ولا عمال ينزلون البضائع، كل شء صار كذا لوحده
قالوا: يا تعبنا، جينا نجادل عالم المسلمين وطلع عالمهم المبجل مافي راسه عقل، قال لهم ليش؟ قالوا كيف تبغانا نصدق إن سفينة بتحمل البضائع وتمشي في النهر وتنزل البضائع وتمشي كذا وحدها؟ إنت صاحي؟
قال طيب وإنتم تقولون إن الكون هذا كله السماء والأرض والجبال والشجر والإنس والحيوانات كلها وجدت هكذا صدفة وتصدقون أنفسكم، وسفينة صغيرها ما تصدقون الكلام هذا فيها
فسكتوا وعرفوا إنه كان يخاطبهم على قدر عقولهم ومشوا وهم ما يشوفون الطريق)
يمكن يجي واحد غبي ولوح ومكابر ويقول:
هي ما وجدت صدفة، ولكن هي أوجدت نفسها بنفسها
بنقول: والله إنك غبي بدرجة خرافية ومميزة، شيء أصلا معدوم وماهو موجود، كيف انوجد وصار خالق لنفسه وبعدين خلق نفسه واوجدها، هو أصلا عدم ماهو موجود كيف انوجد ثم صار خالق ثم خلق نفسه وأوجدها؟
أحد منكم يقدر يقول إنه هو اللي خلق نفسه؟ ماحد يقدر يقول الكلام هذا لأنه يعرف إنه قبل وجوده كان عدم، فكيف خلق نفسه؟
معناته العقل يقول لازم من وجود خالق
فيه ناس برضه بتكابر وتقول صح فيه خالق، بس الخالق هو الأب والأم، فنقول طيب والأب والأم مين اللي خلقهم؟ ونصير في حلقة لا يقبلها العقل إلا إنها تنتهي بخالق ولاحد فقط لا غير هو الأساس ما قبله شيء ومنه تفرعت كل المخلوقات
بيجي ناس ويقول لا فيه خالق واحد صح، بس هو الطبيعة
فنقول له: من خلق الطبيعية يا روح أمك، لازم يرجع لخالق واحد برضه
بس فيه ناس مكابرين جدا ويقولون: لا هي الطبيعة الخالق الأول مافيه قبلها شيء
نرد عليه وبكل بساطة ونقول:
هل تقصد بالطبيعة الأشياء الموجودة والكون نفسه وإلا القوانين والضوابط اللي تحكم الكون؟
إذا قالوا: نقصد الأشياء نفسها والكون نفسه وقعوا في الغلط السابق واللي هو (من خلق الكون والأشياء كلها؟)
وإذ قالوا: لا الطبيعة هي القوانين والنواميس والضوابط التي تضبط الكون فنقول لهم:
هل عندها القدرة على الخلق؟
إذا قال: لا، معناته كذب نفسه بنفسه وانتهينا
وإذا قال: نعم، نقول:
هل الطبيعة هذه عاقلة؟
إذا قال: لا، بنقول: طيب كيف الطبيعة اللي ميب عاقلة تقدر تخلق شيء أفضل منها وعنده عقل زي الإنسان مثلا؟
هذا لا يمكن كيف تخلق عقل وهو موب موجود عندها أصلا؟ معناته انتيهنا وطلعت الطبيعة ميب الخالق
وإذا قال لا عاقلة نقول
هل هذه الطبيعة عالمة ومقدرة وسميعة وبصيرة وعندها إرادة وإلى آخره؟
إذا قال لا نقول كيف تخلق وهي عاجزة ما عندها قدرة ولا علم إلى آخره؟
وإذا قال نعم عاقلة وعالمة وقادرة وعندها إرادة وإلى آخره
فنقول
هذه ما تسمى الطبيعة، هذا هو الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء العليم السميع البصير القدير على كل شيء
ولكن من لم يجعل الله له نورا فما له من نور
فنجد بعض الناس يسمي الله سبحانه وتعالى باسماء ما تليق بالله سبحانه وتعالى مثل الأب، القوة الفاعلة، وغيرها بدون علم ولا هدى ولا كتاب منير
وهذا الدليل العقلي ذكره الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في آية وحدة قصيرة وبليغة جدا قال تعالى (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) سورة الطور) فهذا دليل عقلي وبرهان قطعي مذكور في القرآن الكريم على أنهم لم يخلقوا صدفة أو من دون خالق أو أنهم خلقوا أنفسهم وبالتالي أصبح لابد لهم من خالق واحد وهو الله عز وجل
روى البخاري في صحيحه عن جبير بن مطعم قال (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37)) كاد قلبي أن يطير)
لأنه فهم بذكائه وعقله معنى كلام الله ووجده صحيحا لا يعلى عليه، فدخل الإيمان في قلبه مباشرة وحس إن قلبه بيطير من بين ضلوعه،
بنكتفي بالكلام هذا في الدليل على وجود الله سبحانه وتعالى، ونكمل لاحقا في النقاط الأخرى الرئيسية للأصل الأصيل (الإيمان بالله)