ما سرّ السحابة السوداء التي تغطّي سماء القاهرة؟
منذ سنة 1999 وإلى يومنا هذا، تطلّ سحابة سوداء ضيفاً مُنتظماً على سماء القاهرة في الفترة نفسها من كل سنة لتثير بإطلالتها دهشة واستغراب سكان العاصمة المصرية.
تأتي السحابة السوداء في موعدها كالضيف الثقيل.. بعضهم يقول إن السبب الرئيس يتمثل في حرق قشّ الأرز، حيث اعتاد المزارعون التخلص منه بعد الحصاد بإضرام النار فيه، وهو ما يتسبب على الأرجح في ظهور موجات من الأدخنة السوداء تتجمع من جرّاء تزامُن عمليات الحرق في العديد من الأراضي وفي كافة المحافظات وربما في الوقت نفسه من الليل..
جاء في تقرير صادر من لجنة الشؤون الصحية في مجلس الشعب سنة 2004 أن حجم الأضرار الناتجة عن السحابة السوداء تقدّر بحوالي 2 مليار جنيه تمثلت في تكاليف علاج آثارها. وإذا أضفنا الأضرار الناتجة عن إهدار الموارد الزراعية المصاحبة لعمليات الحرق هذه، فإن الأضرار المادية للسحابة السوداء ستتجاوز ذلك بكثير.
وتفيد دراساتٌ أجريت لتفسير أسباب السحابة السوداء، والتسمية العلمية لها «السحابة الدخانية أو الضبابية» أنها تنقسم إلى قسمين: سحابة دخانية كبريتية وسحابة دخانية كيموضوئية أو نيتروجينية، وهي تحدث نتيجة التفاعلات الكيموضوئية بين المركبات الهيدروكربونية وأكاسيد النيتروجين والهواء، لتكوّن مجموعات عديدة مثل الألدهيد والأوزون الأرضي ونترات البيروكسي استيل، وتُسمّى هذه المجموعة بالضباب الدخاني، الذي يتحول إلى سحابة سوداء لدى اختلاطه بجزيئات الكربون العالقة في الجوّ والناتجة في هذه الحالة عن حرق المخلفات الزراعية مثل قش الأرز.
وتقدر كميات القش الذي يتم حرقه في مصر سنوياً بحوالي 4 ملايين طن لأن المزارع يريد تجهيز الأرض للموسم المقبل بوسائل سهلة وغير مكلفة مثل حرق القش على الأرض بدلاً من نقله إلى المنازل. وهنا تكمن أهمية الاستفادة من قش الأرز بتحويله إلى سماد عضوي أو علف حيواني حتى يستفيد المزارع ويتوقف عن حرقه.
من ناحية أخرى، تُقدّر قيمة حرق المخلفات الصلبة والقمامة ومخلفات الأسمنت في مصر سنويا بحوالي 18 مليون جنيه، وهو ما يدعو الجهات المعنية إلى الاستفادة من تلك المخلفات عَبْرَ تدوير القمامة. ولا ننسى هنا دور حرق الوقود بكافة انواعه، من مازوت وسولار وغازولين في محطات الكهرباء والمصانع.
وثمة سبب آخر لتشكّل السحابة السوداء، ويتمثل في العوامل الجوية مثل الضغط الجوى وسرعة الرياح. وتعتبر العوامل الجوية من الأسباب التي لا دخل للإنسان فيها وتظهر بوضوح خلال شهر أكتوبر (تشرين الثاني) من كل سنة، وقد حذّرت وزارة البيئة المصرية من احتمالات زيادة نسبة التلوث في الهواء هذه السنة بسبب الزيادة الكبيرة في مساحات الأراضي المزروعة بالأرز